الخميس، 12 يونيو 2014

كتاب معالم المنهج الإسلامي : الدكتور محمد عمارة




عرض للكتاب
مقدمة :
"-هذه صفحات التي نقدمها -تحت عنوان "معالم المنهج الاسلامي " تمثل مشروعا فكرياً يحاول أن يقدم تصورا أولياً في موضوعه مستهدفا شحذ الفكر، واستنفار العقل طلباً للإضافة والنقد والتعديل،
-
ذلك أن خطر القضية يحتم بلورتها عبر جهود جماعية نطمح أن يكون فيها خطوة على طريق طويل سبق إليه كثيرون ولا يزال في انتظار الكثيرين""1

مفهوم المنهج : هو الطريق والاطار الحاكم والجامع ،وهو المدخل الحاكم ،الذي يفضي بدوره الى امكانية صياغة الاسلام كمشروع حضاري بديل ويهيىء اسباب وضع البرامج الاسلامية وصياغة "مناهج البحث"الجزئية والمتخصصة ،ووظيفة هذا المنهج :وضوح الرؤية الاسلامية التي تييسر الاجابة على تساؤلات هذا الانسان :من اين جاء ؟،وكيف يحيا؟ ، والى اين المصير؟
ومحاور هذا المنهج
الله ...والانسان...والعالم
البدء .....المسير....والمصير

-
وحدانية الخالق المعبود :وقاعدته التنزيه ونفي الشبه والمماثلة والتشبيه ، وهي سمة فاعله في تحرير الانسان من العبودية لغير الله ، وهيا هكذا سمة في منهج حذاري تنهض بالدور الاول في الصياغة لهذا الانسان كي يكون حرا
-
الانسان ، الخليفة : فالإنسان ليس هو محور الكون، ولكنه خليفة لله، ، المحكوم بإطار تكليفه بعد الاستخلاف وهنا تتجلى وسطية الإسلام، و«الإنسان» في المنهج الإسلامي هو أفضل المخلوقات، لكنه أيضا واحد منها، تحكمه السنن والقوانين التي أودعها الله في الطبيعة،
3-كون تحكمه الاسباب المخلوقة: فان الكون تحكمه السنن والقوانين التي اودعها الله فيه منذ ما قبل وجود الانسان على الارض

4
-
سبل الوعي والمعرفة : فهي تتسم بالتعدد والتنوع والشمول الذي تقتضيه شمولية الاسلام للدنيا والآخرة،، فلا يقف عند النزعة المادية أو الباطنية، لكنه يستنفر العقل كي يعمل في تحصيل الوعي والمعرفة، من خلال سبل وأدوات منها: النظر والتدبر والتعقل والبينة والبرهان...الخ، وبهذا المنهج كان العلم في الإسلام سبيلا لتنمية مخافة الله وخشيته وتقواه

الوسطية الاسلامية
-
الوسطية الجامعه: هي أ أخص ما يختص به المنهج الإسلامي أن الوسطية عدسته اللامة لأشعة ضوءه. وزاوية رؤيته كمنهج. إنها الحق بين باطلين، والعدل بين ظلمين، والاعتدال بين طرفين. وليست هي انعدام الموقف الواضح والمحدد أمام مشكلات كما يظن البسطاء. إنها في الإسلام موقف جديد بين نقيضين متقابلين ليس منبتّ الصلة عن سماتهما، ،
الفكر والمادة :
حيث انقسمت الفلسفة وفلاسفتها في الحضارة الغربية إلى مادية ومثالية وماديين ومثاليين، أما في الإطار الإسلامي ومنهجه فإننا لم نشهد أي انقسام؛ لأن الوسطية الإسلامية الجامعة قد أقامت للتصور الإسلامي علاقة ورابطة بين الفكرة والمادة وعصمته من تلك الثنائية.

-
الجبر والاختيار
إن المسلم حر باختياره ولكن محكوم عليه بالبدائل القائمة والتي تحدد نطاق وآفاق هذا الاختيار في النفس والظروف. إنه حر بأدوات الحرية المخلوقة له التي لم يبدعها هو ووسط ملابسات ليست كلها من صنعه. إنها حرية المستخلف. فإذا كانت حرية الإنسان هي القوة التي يختار بها ، وإن كانت العوامل المحيطة هي القدر، فإن العلاقة بينهما هي التي تحدد حرية الإنسان. فليست الحرية نقيضة للقدر وإنما هو حاكم لإطارها.

-اكتمال الدين وتجديده
وبعكس المنظور الغربي الذي يرى ان المصطلحيين متناقضيين ،بينما في المنهج الإسلامي لا توجد هذه الثنائية الانشطارية، فإن الوسطية الإسلامية تربط ما بين السلفية والتجديد. فالعودة إلى الأصول النقية هي سلفية فيها اجتهاد يميز بين الجوهر والبدع الطارئة. والتجديد هو اجتهاد فيه سلفية لاستحضاره الأصول والمبادئ والمقاصد.

النص والاجتهاد: 
الإشكال يقع عند التمييز بين الأصول الدينية التي تتعلق بالثوابت وتلك التي تتعلق بالمتغيرات. فإذا كان نص قطعي الدلالة والثبوت يتعلق بالعقيدة فلا مجال أبداً في الاجتهاد فيه. أما إذا كان النص يتعلق بالفروع فهناك مجال في الاجتهاد في إنزاله: هل لا زال صالحاً؟ هل لا زالت شروط إعماله قائمة أم لا؟ هذا هو الاجتهاد فيه. فهناك لا يتعدى الاجتهاد في العقائد حدود الفهم واستنباط الفروع وربطها بالأصول. أما النصوص المتعلقة بأمور هي من الفروع الدنيوية ومن المتغيرات فيها والمعللة بعلة غائية،

-الدين والدولة :
أن الدولة ليست أصلاً من الأصول الاعتقادية. بل هي فرعية من الفرعيات ، الدولة وجهازها بشر يخطئ عندنا ويصيب، ولا يصوب من السماء والرعية في دولة الاسلام متنوعون ولكن مع هذا فإن الدولة المدنية في الإسلام هي دولة إسلامية، لأنها لا يجوز أن تتخلف عن حياة الجماعة، فلا يجوز أن تكون غير إسلامية من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. لذا فإن إسلامية المرجعية والمشروعية حق مترتب على جوهر الدين والإيمان بالله واليوم الآخر.

-الشورى البشرية والشريعة الالهية :
لا تناقض بينهما. الشريعة الإلهية تتمثل في أصول ومقاصد، والشورى البشرية تتمثل فيما هو موضوع لشورى الإنسان. الأولى لها مكانة المرجعية والثانية لها سياسة الأمور والاستخلاف والاعمار وعلائق الناس.

-الرجل والمرأة :
المنهج الاسلامي قام على مساواة الرجل والمرأة في الانسانيةوتكاملهما في وظائف الحياة ووتمايز في الطبيعة من حيث الانوثة والذكورة ،تمايز وظيفة و درجة ،لا تمايز سيطرة واستبداد
-
الفرد ...والطبقة....والأمة: الاسلام:دين الجامعة...اي الامة، وكون الامة هي الجامعة الاساسية لا يعني اجحاف حق الفرد ، ليست جمعاً كمياً،وإنما هو كيان جامع تجتمع فيه الشعوب والقبائل المتعارفة المهذبة بالعقيدة. و التفاوت الاجتماعي حقيقة نابعة من تفاوت الحوافز والقدرات والإسلام لا يلغيها ولكنه يهذبها في إطار الشرع ونطاق العدل

-الوطنية ،والقومية،والجامعة الاسلامية
إن الإسلام هو فكر الأمة وله الانتماء الأول، ، لكن الإسلام لا يعني أن لا يكون للمسلم انتماء آخر ، فلا تناقض بين الموقفين ، بشرط الا يتحول الانتماء للوطن الى عصبية وجاهلية ، وان يكون الاسلام هو دائرة الانتماء الأكبر.التربية الجمالية

-
المسلم والجمال
لا خصومة بين الإسلام والجمال. فإذا كان التجهم وإدارة الظهر لآيات البهجة أثراً من آثار المحن في وقت الاستضعاف، فليس من المقبول أن يكون من مقتضيات منهجنا الإسلامي. إن الحضارة هي إبداع الأمة في عالمي الفكر والأشياء. ولا ينبغي إذن أن يقف الإنسان متجهماً إزاء إبداع الحضارات. فإن تعطيل النظر في آيات الجمال تعطيل للدليل على وجود الصانع، وإن تنمية الإحساس الجمالي لدى المؤمن تنمية للملكات والطاقات التي أنعم الله بها عليه.

-جمال السمع:
يتابع المؤلف تأكيده على نفس المنهج ويؤكد ان لا خلاف بين الاستمتاع بجمال الغناء والموسيقى والدين

-جماليات الصور:
فلا يوجد خصومة في المنهج الاسلامي وفنون التشكيل ،

الجهاد في سبيل الله

الجهاد سبيل التطبيق لمنهج الاسلام ، والجهاد أعم وأشمل من "القتال".. إنه الفريضة الاجتماعية ـ الكفائية ـ التي فرضها الله على طلائع هذه الأمة، أن تبذل الوسع وتستفرغ الجهد في ميدان العمل لتجسد ثمرات الجهد الذي بذلته في ميدان الفكر
أهمية هذا العمل الفكري

-
الكتاب يحاول وضع تصور لحل احدى ازمات الفكر المعاصر

-
ما يميز هذا العمل الفكري هو انه لا يحاول وضع برنامج اسلامي ،او منهج بحثي ، ولكنه يتجاوز كل هذا الى السؤال عن المنهج كاطار حاكم ومدخل ،يجيب فيه على تساؤلات من اين جاء ؟،وكيف يحيا؟ ، والى اين المصير؟،

-
كما ان هذا العمل ليس جهد فردي وحسب ، حيث انه قد بدأ بورقة عمل وُزِّعَت بوساطة المعهد العالمي للفكر الإسلامي على صفوة من مفكري الأمة وعلمائها لإبداء الرأي فيما تضمنته من تصورات وأفكار. وقد تم عقد ندوتين للحوار حول هذا البحث شارك فيهما نحو 30 من العلماء والمفكرين والباحثين، هذا غير من كتبوا آراءهم في دراسات وأبحاث، وغير من حاورهم المؤلف شفاهة حول ما تضمنه الكتاب من آراء

-
ويحدد هذا المنهج ويركز على ما يحمله من خصوصية وسمات ، فيؤكد على وحدانية الخالق المعبود كسبيل لهوية الأمة وان الانسان هو الخليفة تحكمه السنن والقوانين التي اودعها الله في الكون وتتنوع سبل الوعي والمعرفة

-
ويؤكد الكاتب على تجاوز اشكالية الثنائيات المتناقضة - وهو يتجاوز قضية مفتعله ، ساهمت في انقسام الامة واستنزافها - الى وسطية جامعه تحمل حل ثالث وبهذه الوسطية لم يعرف الفكر الإسلامي التناقض، الذي لم يجد حلا بين الروح والجسد أو بين الدنيا والآخرة، أو بين الدين والدولة، أو بين المادية والمثالية ...الخ

-
كما انه يؤكد على الجهاد في الاسلام كسبيل لتطبيق هذا المنهج وهو أعم واشمل من القتال.
-
ويرسم الكتاب صورة لمعالم المنهج الاسلامي المتصور ، -، فلا يرى الكتاب كاجابة جاهزة صحيحة ،ولكنه قابل للنقد - مما ييسر عملية السحب او الاضافة او النقد او التطوير


واجباتي الفكرية








ما هي واجباتك الفكرية القادمة ؟
كانت اجابة السؤال لدي واضحة منذ فترة ،ولكن الأن يبدو كل شيء مرتبكا واجابة هذا السؤال في هذه الفترة يبدو مستحيلا في اللحظة الراهنة بالنسبة لي
الاجابات الجاهزة السهلة لم تنفعنا حقا حين أتت الأزمة الشديدة ، بدا ولوهلة أننا ،لدينا القدرة على ان نتلمس الأفكار ونجربها -وصدمنا- حين سقطت الكثير من الأفكار واكتشنفا انها لا تصلح ، او أكتشفنا انها لازالت تقبع في الاطار النظري الشديد لم تتلمس الواقع بعد تحتاج الى فترات لتنضج ولتصلح للتطبيق في الواقع،ولا أدري هل ستصلح للتطبيق ام لا
أكثر ما صدمنا فيه الفترة الماضية ،هو العجز عن الاجابة عن الكثير من الاسئلة
وأيضا هو عدم اتساق الكثير من حملة الفكر مع افكارهم ،فتبدو الازدواجية واضحه وبشدة في لحظات الشدة
ويقابل هذا اتساق أصحاب الافكار الأشد تطرفا مع أفكارهم
حتى وصل للبعض أن اجابة الأسئلة لدى أصحاب هذا الفكر
وهنا السؤال أين الخلل؟
لماذا لا يعصم الفكر أصحابه من السقوط المدوي في لحظات الشدة؟
لماذا لا يساهم الفكر في الحفاظ على الدرجة الأدنى من الانسانية لدى أصحابه؟
ولماذا تقف المدرسة الوسطية عاجزة عن اعطاء اليات للحل في لحظات الشدة؟
هل العجز في الأفكار ام العجز في تحويل الأفكار الى افكار صالحة للتطبيق؟
كيف يمكن تحويل قيم الاجنة الىقيم ملموسة؟
الحقيقة انني لا أعرف اجابة هذا السؤال الان ، فالأن احاول اكتساب الادوات الفكرية التي تساعدني في رحلة البحث عن واجباتي الفكرية ،حتى أستطيع ان أصل الى السؤال الصحيح ،ثم ابحث عن الاجابة التي نحتاجها ، أحتاج أن نبحث عن الثغرة التي تؤتى منها الأمة لنسدها ، فلا يمكن السقوط في نفس المشكلة كل فترة دون القدرة على اجابة السؤال

أحتاج حين اجد الاجابات التي نحتاجها ، أن احولها الى تطبيق في حياتنا في جانب تربية الأطفال ،لينشأ جيل قادر على أن يحمل الامانه ،جيل متجاوز لكل اشكاليات الماضي
الباحث في هذا المجال-تربية الأطفال- يعرف عجز وفقر الامة في الانتاج في هذا المجال-في الفترة الحديثة- ويقابل هذا تطور شديد للغرب فيه
وان كان من الممكن أن نأخذ عن الغرب صناعة الالات ،فكيف نأخذ عنهم صناعة الانسان ؟؟،دون أن يكون هذا منطلقا من ثوابتنا


"
ان الأمة تحتاج الى فكر نابع من هويتها متصل بواقعها قادر على معرفة السؤال الصحيح وقادر على اعطاء الاجابات التي تحتاجها الامة ، نحن لا نحتاج الى فكر منفصل عن الواقع ، او فكر منفصل عن هويتها
فكر يتجاوز اشكالية النقل والعقل ،
نحتاج فكر يساعد الامة على تحويل ممكناتها المجردة الى ممكنات ملموسة
حتى تستطيع هذة الامة أن تقوم بدورها ،وهو لا يتوقف عند حدود الامة وفقط ،بل هيا أمة شاهدة على الأمم الأخرى ،وكيف تشهد امة على الامم ألأخرى وهيا عاجزة عن معرفة الأخر"
تحياتي .

التمييز بين البناء والتجميع في الثقافة والفكر








هل هناك فرق واضح بين البناء الفكري والتجميع ؟ هل يمكن التمييز بينهم ؟هل هما شيئان متضادين؟
نحاول هاهنا البحث عن اجابة عن هذه الاسئلة

-
اذا كان البناء المادي يحتاج الى تصميم وتخطيط وعلم ودراسة دقيقة وتنفيذ
فان البناء الفكري : هو اشبه بالبناء المادي ، له قواعد واضحة وخطة واضحه للوصول لهدف معين من خلال هذا البناء الفكري

أما التجميع : فهو أشبه بتجميع بمواد البناء دون خطة واضحه او هدف ، وقد يتحول التجميع الى نوع من" التكديس "1
*
ففي البناء الفكري العقل تحصيلي يعمل على التفكيك والتركيب للوصول لفهم أعمق واشمل
اما في التجميع فالعقل تكديسي

*
وفي البناء الفكري يكون هناك وعي كامل بكل ما يتم اضافته لهذا البناء
اما في التجميع فان العقل يجمع دون وعي حقيقي2

*
وفي البناء الفكري يكون هناك هدف واضح لهذا البناء
اما التجميع فان الامر قد يصل الى التكديس دون معنى

*
وفي البناء الفكري ينتهي الامر بالوصول الى بناء واضح
اما في التجميع فقد نحصل على شيء مشوه دون اي معنى

وعملية البناء فكري عملية مستمرة للوصول الى الهدف
اما في التجميع فقد تتوقف في اي لحظة
لنتخيل أحدهم قرر جمع مواد بناء كثيرة ولم يجمع المواد الأساسية ،هل يستطيع هذا أن ينشىء بناء واضح ؟
او لنتخيل أنه قرر جمع المواد الاساسية وهو لا يعلم كيف يتم البناء؟
او لنتخيل انه جمع وبنى -دون علم حقيقي- الا يمكن ان ينهار البناء في لحظة؟
-
هل معنى هذا ان التجميع هو مضاد للبناء؟ وهل لايمكن الاستفادة حقا مما تم تجميعه في الماضي لنصنع بناء حقيقي؟
أعتقد ان الانسان حتى يصل الى البناء فهو يبدأ بالتجميع اولا ، لان البناء الفكري يعتمد اولا على" تراكمات المعارف والعلوم التي يجمعها الانسان بعد خروجه الى هذا العالم "3
فاذا كان التجميع هو خطوة أولية للانسان ومرحلة بحث،ليصل الى مرحلة وعي بماذا يريد أن يبني ،فيتحول الانسان من مرحلة التجميع الى البناء
اما المشكلة عندما يصر الانسان على الوقوف عند مرحلة التجميع ،لليتحول الامر الى تكديس معرفي ينتج في النهاية شيء بلاهدف ولا وعي

وللبناء الفكري منهجية واضحه واستراتيجه واضحه كما انها قاعدة ترتكز عليها تصرفات الإنسان وأقواله وتحليله وفهمه للواقع من حوله.ومرحلة البناء مرحلة دقيقة تحتاج الى اعادة تقييم كل فترة ومراجعة والامة في اشد الحاجة لبناء فكري يساهم بحق في نهضة هذه الامة .





1مالك بن نبي ،شروط النهضة ،دمشق ،دار الفكر، الطبعة العاشرة 2011 ،ص 44:51
2أحمد الأسمر ،المعرفة بين البناء والفكر ،15-4-2012، http://aasmar.blogspot.com/2012/04/blog-post_15.html ،تم الدخول 30-12-2013

3عبد الله أبو غالي ، بناء الفكر بناء للحضارة ، 2/5/2012، http://www.alukah.net/culture/0/40633/ تم الدخول 30-12-2013

جوانب الخلل الفكري في الأمة



تتفق اراء المحللين والنقاد والمفكرين على أن هناك ازمة فكرية كبرى في الأمة ، قد يختلف لدى البعض جوانب هذه الازمة ،ولكن يبقى الاتفاق وجود هذه الازمة، وقد حاول الكثير من المفكرين التصدي لهذه الازمة بتحليل جوانبها ، وحاول البعض الأخر التوصل الى حلول في كتبهم ، كالدكتور محمد عمارة في ( ازمة الفكر الاسلامي المعاصر )(معالم المنهج الاسلامي) ، والدكتور طه جابر علواني في (الأزمة الفكرية المعاصرة )و( نحو التجديد والاجتهاد -مراجعات في المنظومة المعرفية الاسلامية )، والدكتور طه عبد الرحمن في كتابه ( الحق الاسلامي في الاختلاف الفكري)
وقد اعتمدت على هذه الكتب كمراجع للاجابة على سؤال هذا البحث "ما هي ابرز جوانب الخلل الفكري في الأمة ؟ "
*
معضلة العقل والنقل
يقول الدكتور جابر طه العلواني1 "تاريخنا لم يعرف قضية بهذا الاسم الا بعد عصر الترجمة ،وعلى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة رضوان الله عليهم ،لم يكن يعرف شيء اسمه نص وشيء اسمه عقل متمايزان يعيشان حالة صراع وتناقض وتناف وحرب ومعركة بين الاثنين ،كان النص والعقل يسيران جنبا الى جنب خاضعين الى حاكمية الله المطلقة ، التص يرشد والعقل ويوجهه ، والعقل يتفهم النص ويستوعبه ويحسن تطبيقه وفهمه وربطه بالواقع دون اي عملية صراع "فهي قضية مفتعلة ، ساهمت في انقسام الامة وتستنزف الامة ، رغم انه لا تضاد بينهم ابدا



منهج القراءتين
نحن نحتاج ان نقرأ كأمة اسلامية بما أمرنا به ، فنحن نقرأ كتاب الوحي ، ونقرأ كتاب الكون المنظور
...لا تضاد بين القرأتين
وهو عكس الشائع الان فهناك من ينادي بقراءة كتاب الكون ردا على حجم التخلف المتفشي في الامة ومحاولة باللحاق بالامم الاخرى ويلقي باللو م على كتاب الوحي

وأخر يدعو للتمسك بكتاب الوحي حفاظا على هوية الامة ويرفض أن يقرأ كتاب الكون ،خوفا على هوية الأمة

وسطية الامة
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)2 ان الوسطية اذا كانت تعني هنا رفض الانحياز الى طرف ضد طرف وقطب دون قطب ، فانها في المفهوم الاسلامي ليست وسط حسابي ، ولكنها موقف جديد يتألف من عناصر الحق والعدل في القطبين معا
فاذا كانت الحضارة الغربية قد قامت في احد أهم أركانها ،على تحرير القدرات والممكنات واكتساب القوة ، وثمن اكتساب هذة القوة هو انتهاك حرمة الوجود

فان الوسطية هاهنا لأمتنا تكون
:كيف تجمع بين تحرير الممكن وتغليظ حرمة الوجود

علاقتنا بالامم الاخرى
{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }

بين فخ الاستسلام الكامل والتبعية للحضارات الأخرى ، و"الصراع الحضاري " معهم ، نقف نحن الان ، فلا نستطيع أن نكون أمة قادرة على الاحتفاظ بهويتها وتحتفظ بعلاقات قوية وناضجة مع الحضارات الاخرى

التعامل مع التراث
كيف لأمة تريد أن تقف على قدميها وهيا تخاف أن تراجع تراثها ، فبتنا نقف بين من يرفض التراث بشكل كامل واخر يقدسه
ومن يحاول أن يراجعه تظهر امامه عوائق ، يذكر منها الدكتور طه جابر العلواني3 ،
"
أدلجة كثير من المقولات التراثية ، تصور البعض ان لاعلاقة بين تردي اوضاع الحاضر وثقافة وافكار الماضي ، ولاننا أصلنا لفكرة الاجماع صار البعض ينظر الى النقد المعرفي على انه مفرق ومناف للاجماع "

ولهذا احجم الكثير عن الاقتراب من محاولة مراجعته ، مما أدى ان البعض صار يرفض التراث بشكل كامل
الحق الاسلامي في الاختلاف الفلسفي والفكري :
يقول الدكتور طه عبد الرحمن 4" ان لكل زمان أسئلته التي تخصه ،ومن واجب كل أمة أن تجيب عن هذه الاسئلة ، وهي لا تكون أمة بحق حتى ترتقي بالجواب الى رتبة الاستقلال فيه"
يقف البعض موقف الرافض وبشدة لحق الأمة في الاختلاف الفلسفي والفكري ، ويرون انه لا يحق للأمة الاستقلال في هذا الجواب ، ويقفون موقف الرافض لحقها في الاختلاف عن غيرها
ان الأمة تحتاج الى فكر نابع من هويتها متصل بواقعها قادر على معرفة السؤال الصحيح وقادر على اعطاء الاجابات التي تحتاجها الامة ، نحن لا نحتاج الى فكر منفصل عن الواقع ، او فكر منفصل عن هويتها
نحتاج فكر يساعد الامة على تحويل ممكناتها المجردة الى ممكنات ملموسة
حتى تستطيع هذة الامة أن تقوم بدورها ،وهو لا يتوقف عند حدود الامة وفقط ،بل هيا أمة شاهدة على الأمم الأخرى ،وكيف تشهد امة على الامم ألأخرى وهيا عاجزة عن معرفة الأخر
نعم هناك من يحاول أن يتصدى لجوانب الخلل الكثيرة ولكن لازال الامر يحتاج الى مجهود أكبر حتى نتجاوز جوانب الخلل باذن الله تعالى

1طه جابر العلواني ، الأزمة الفكرية المعاصرة -تشخيصات ومقترحات ،فيرجينيا ، المعهد العالمي للفكر الاسلامي ،الطبعة الرابعة 1994
2 سورة البقرة الاية (143 )
3 الدكتور طه جابر العلواني ، نحو التجديد والاجتهاد -مراجعات في المنظومة المعرفية الاسلامية ،مصر ،دار تنوير للنشر والتوزيع ،الطبعة الاولى 2008

4 دكتور طه عبد الرحمن ،الحق الاسلامي في الاختلاف الفكري ،الدار البيضاء ،المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية 2009

الايمان فطرة




الايمان فطرة

"الحضارات ولدت في ظل المعابد “
فأقدم الاثار الدالة على وجود الحياة مصحوبة بشئء من الحياة الدينية
فلقد أظهر علم الاثار دائما ،بقايا آثار خصصها الانسان القديم لشعائره الدينية ،أيا كان تلك الشعائر ،ولقد سارت هندسة البناء من كهوف العبادة في العصر الحجري الى عهد المعابد الفخمة ،جنبا الى جنب مع الفكر الدينية التي طبعت قوانين الانسان وعلومه1


والظاهرة الدينية ظلت مصاحبة للانسان ، فنجد عوائد الشعوب وتقاليدها تتشكل بصورة يمليها اهتمام ميتافيزيقي ، يدفع أقل القرى الهمجية ، تبني في مركزها كوخ،تتجه نحوه الحياة الروحية القبلية2

اذا كان أرسطو قال ان الانسان حيوان ناطق ، فاننا ننستطيع أن نصفه بأنه حيوان متدين بالفطرة3

وقد ولد هذا الوصف
(حيوان ديني )، اشكالية هل صفة الدين فطرية ،ام مكتسبة ؟
فال
الصّفة الفطرية تتعلّق بإيمان خالص بوجود الله، أما المكتسبة فهي التي تعتبر الدين أحد أصناف الثقافة الإنسانية، وقد خلق هذا مهبين فلسفيين ،المذهب المادي ، والمذهب الغيبيب

وقد قام مالك بن نبي ، بعمل موازنة بين الموازنة راعى فيها اعتبار عناصرهما المتجانسة المتقابلة التي تكمن في فكرتهما عن الكون والتكوين :

1- المذهب المادي :
من حيث المبدأ:أن المادة هي العلة الأولى لذاتها، أي أنها خالقة لذاتها، وهي نقطة البدء في ظواهر الطبيعة، وعليه:
-
فصفات المادة هي: أنها موجودة وغير مخلوقة.
-
وهي كم مستقل ومتجانس وبسيط.ولكن أثبت العلم استحالة معرفة الذرة الأولى للوجود وبهذه الصفات المذكورة. كما أن المعادلة المادية في نشأة الخلق لا تنطبق على الإنسان والحيوان لأنهما يتوالدان جنسيا. وأيضا لأن المادة خاضعة للقصور الذاتي بينما الحيوان والإنسان يُعدِّلان وضعهما بنفسيهما.وكل هذا مما يثبت قصور هذا المذهب في تفسير الخلق.4
"فالمادة في مجموعها تحتمل تفسيرين متعارضين ،فاذا وضع أحدهما في ضوء قانون اساسي معين ، فان معنى الاخر يظل معلقا ، وكل هذا الشذوذ الذي يتنافى مع الحتمية المادية المحضة-أساسا- يحتم اعادة النظر في بناء المذهب كله ،فان المبذأ الاساسي نفسه يبدو عاجزا عن تزويدنا بنظرية متسقة عن الخلق وتطور المادة"5
2-المذهب الغيبي.
-
مبدأ هذا المذهب هو أن الله خالق الكون، ومدبّره، وسببٌ أولٌ لكل موجود.
-
وبالتالي فالمادة في حدّ ذاتها مخلوقة بحتمية غيبية وخارجة عن خواصها وفق الأمر الإلهي: (كُنْ ).
-الحتمية الغيبية تسعفنا حين عجز القوانين القوانين المادية عن اعطاء تفسير واضح للظواهر ، وبذلك ينتج مذهب كامل متسق متجانس لانقص فيه ولا تعارض ،مما لزم المذهب المادي
-تطور المادة سيكون طبقا لاوامر ارادة ،توزع التنوع والاتساق اللذين قد يلاحظ علم البشر قوانينهما الثابتة ، وبعض مراحل هذا التطور ستختفي على الملاحظات المألوفة لرجال العلم ،وفي هذه الحالة الاستثنائية يتم الاستعانة بالحتمية الغيبية التي لا تعارض بينها وبين طبيعة المبدأ
-
وهذا ما يُقره العلم الذي يعتبره المؤلّف خادما ودليلا على وجود إله خالق.6

اما جان جاك روسو فيقول :
" أنا كائن لدى حواس تؤثر فىّ , هذه أولى الحقائق التى يجب علىّ أن أقر بها. أعى نفسى (ترى) هل هو وعى منفصل أم متصل بالمحسوسات؟"7ويرى انه يستطيع ان يشعر بالمادة ويحركها ولكن باقي الكائنات لا تستطيع فيخلص إلى أن الصفة الثابتة فى المادة هى السكون فهى لا تتحرك الا بمسبب خارجى
حتىيصل الى اليقين بالله تعالى :
"
إن الكون المرئى كله مادة متناثرة جامدة لا يظهر على مجموعها تلك الوحدة, ذلك الانتظام ذلك الوعى المشترك الذى يربط بين أجزاء الجسم الحى. هذا الكون متحرك , حركاته متناسقة, متواترة خاضعة لقوانين قارة (أى ثابتة) فلا يملك إذن تلك الحرية ( العفوية) التى نشاهدها فى حركات الإنسان والحيوان بالتالى (فالكون) ليس حيواناً ضخماً يتحرك من ذاته فحركاته ناجمة إذن من عامل خارجى. لا أستطيع أن أراه لكنى مقتنع فى قرارة نفسى أنه موجود إلى حد أنى لا أكاد أرى الشمس تسير دون أن أتخيل قوة تدفعها أو الأرض تدور من دون أن أشعر أن يداً تدفعها." 8 ويرى ان معرفة قوانين حركة الكون كانت بالتأمل والاكتشاف وهذه القوانين توصلنا الى النتائج لا الاسباب ويصل الى ان
"
إن كانت حركة المادة تدل على وجود إرادة, فإن المادة المتحركة حسب قوانين ثابتة تدل على عقل. هذا هو الركن الثانى فى عقيدتى . الفعل , المقارنة, الإختيار هذا ما لايقوم به إلا كائن فاعل عاقل. ذلك الكائن موجود إذن. تسألنى أين ترى وجوده؟ أرى وجوده فى السماوت حين تجرى وفى الكوكب حين ينير كما أراه فى نفسى, بل فى الغنم التى ترعى وفى الطير وهو يحلق فى السماء وفى أوراق الشجر حين تتقاذفها الرياح."9


و فطرة الدين جزء من طبيعة الانسان وهي أقوى من اي مؤثر خارجي ،فالدين اقتناع عقلي وليس انفعال نفسي ،والعقل يقودنا الى الدين
وهو قائم على قوانين منطقية

1-
السببية
: فلا وجود في الكون دون موجد ، ولكل سبب مسبب ولكل معلول علة وتقودنا تلك الى المسبب الاول الذي لا سبب له
2-
الغائية

لا يوجد شي من غير غاية


ويقسم عبد الله دراز العقول الى نمطين

1-
العقول القانعه المتعجلة
:يرضى بالاسباب المباشرة ولا يبحث عن مسبب الاسباب
2-
العقل الواعي الطلق

لايقبل بالسبب المباشر ويقف عنده بل يبحث عن سبب هذا السبب حتى يصل الى المسبب الاول ، فهو لا يكف عن البحث عن الفاعل الاول ، وعن قانون القوانين10


المراجع
1- دين الانسان"بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني "- فراس السواح – دمشق-دار علاءالدين للنشر والتوزيع-ط4 ،2002
2- دين الفطرة-جان جاك روسو-ترجمة عبد الله العروي- الدار البيضاء -المركز الثقافي العربي- ط1 ،2012
3- الدين "بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان "-الدكتور محمد عبد الله دراز -الكويت -دار القلم
4- الظاهرة القرآنية-مالك بن نبي-دمشق-دار الفكر -ط4 ،2000
1الظاهرة القرآنية ص69
2المرجع السابق ص 69:70
3دين الانسان ص19
4الظاهرة القرآنية ص73:77
5المرجع السابق ص78
6المرجع السابق ص79
7دين الفطرة ص32
8المرجع السابق ص39
9المرجع السابق ص43

10الدين ص95،96