الخميس، 12 يونيو 2014

دعوات تجديد علم اصول الفقه






" ان واقع الأمة بما يكتنفه من تراجع وثبات حضاري على مستويات متعددة ،يتطلب اعادة النظر في الأسس المنهجية المستند عليها في انتاج المعرفة القانونية والاجتماعية السلوكية ،حتى تستعيد نهضتها وفعلها الحضاري ،فاعتبرت تلك المراجعات موجهة نحو آليات النظر الأصولية ،أي:علم اصول الفقه1 "

والدعوة الى تجديد علم اصول الفقه ليست وليدة العصر الحديث ،فللغزالي (ت505 ) اشارات في المستصفى وشفاء الغليل ،تدل على ان طرفا من قضايا هذا العلم تحتاج الى تحتاج الى تحرير القول فيها ،كما أن الشاطبي في كتابه الموافقات نبه الى تجاهل مقاصد الشريعة رغم اهميته في علم اصول ،ثم حاول الشوكاني في محاولته المهمة عبر كتابه "ارشاد الفحول الى تحقيق علم الأصول2 "

اما في الوقت المعاصر فقد ظهرت دعوات كثيرة لتجديد أصول الفقه ونذكر منها
:
الدكتور حسن الترابي
في كتابه الصغير «تجديد أصول الفقه الإسلامي»، والتي كانت في الأصل محاضرة ألقيت في أحد المنتديات العامة سنة 1980م؛ ويمكن أن تتلخص أطروحة الدكتور الترابي في هذا الصدد في الآتي:
1- أن أصول الفقه وقفت فيه حركة الإبداع مع توقف حركة الفقه، وبالتالي غدا مقولات نظرية عقيمة.
2- أن أصول الفقه لم يكن مؤهلاً أصلاً لمعالجة القضايا التي يواجهها الناس في العصر الحديث؛ لأنه كان يدور في القضايا الفردية والخاصة، والقضايا المطروحة اليوم قضايا عامة.
3- أن اهتمام الأصول كان في غالبه بجوانب التفسير، لأن ما يجرى فيه الاجتهاد من القضايا الخاصة غالبها وردت فيه نصوص3.


وقد أكد ان هذا له اصل في تاريخنا فقد كان منهج سيدنا عمر-رضي الله عنه عن ، وثد ظهر من خلال اجتهادات كثيرة عالج من خلالها قضايا إدارية وسياسية
، وقد ورث هذا المنهج عنه أهل المدينة والإمام مالك ولكن توقف بسبب نقل مركز السلطةمن المدينة إلى العراق،
أما العراق نفسه فقد كان فيه حركة حياة وعمران ونشاط للمنهج الأصولي إلا أن انهم حصروه في القياس كما أن القياس نفسه حاصروه بالضوابط الدقيقة، وحتى الاستحسان الذي جاء لمعالجة القياس هاجمه بعضهم حتى أردوه قتيلاً في مهده - حسب تعبيره - وبذلك آل الأصول إلى الجمود بعد أن تطور وذلك بفعل انحطاط الدين في حياة الناس، ثم دعا للأصول العامة وهي المقاصد والقياس الواسع والاستصحاب، وأن يكون ذلك من خلال الشورى كما دعا إلى أن يكون الإجماع هو إجماع الأمة لا إجماع أهل الحل والعقد وحدهم4


الدكتور محمد الدسوقي
في دراسة قدمها بعنوان «نحو منهج جديد لدراسة علم أصول الفقه» ،يخلص إلى ضرورة تأسيس منهج أصولي جديد يرتكز على الدعائم التالية:
1 – اجتناب الاجترار والتقليد.
2 – الفقه الدقيق بمصادر الأحكام.
3 – الفقه الدقيق للمقاصد العامة للتشريع الإسلامي.
4 – الربط بين قضايا علم الأصول وعلم القانون.
5 – الربط بين قضايا الأصول ومناهج البحث.


كما حاول تلخيص أهم الخطوط العريضة للاتجاهات والكتابات الرامية إلى تجديد أصول الفقه، حاصراً إياها في القضايا التالية:
1 – إلغاء ما ليس من علم الأصول.
2 – تدريس المقاصد الشرعية بصورة وافية.
3 – تطوير مفاهيم بعض الأدلة.
4 – ربط القواعد بالفروع التطبيقية ما أمكن5


الدكتور طه جابر العلواني:
يرى أن علم أصول الفقه هو المنهج الذي يمكن إعادة النظر فيه وتطويره بما يجعله منهج بحث ومعرفة يسهم في معالجة المشاكل المنهجية التي تعاني منها ليس العلوم الشرعية فقط، بل العلوم الإنسانية والاجتماعية أيضًا ،
ويقول د
.طه “: "ولو توصلنا إلى هذا وأوجدنا نوعًا من التكامل بين المنهج الأصولي في مجال الوحي والمنهج العلمي التجريبي فربما يؤدي هذا إلى إصلاح وتغطية المساحات الخالية بما لم تتعرض منه العلوم الإنسانية والاجتماعية وإلى إصلاح قضيتنا الفقهية التي نعاني منها”6

ويمكن تلخيص منهجه

1- إعادة النظر في شروط وكيفية الاجتهاد، وكذلك الإجماع.
2- استخدام الأصول لأدوات المنهج التجريبي المطبّق اليوم.
3- استخدام العلوم الاجتماعية والإنسانية لأدوات أصول الفقه الموروث.7
د.يوسف القرضاوي :يقول الدكتور :”انطلاقا من كون تجديد الدين مشروعا بصفة عامة ،فان تجديد الفقه يدخل في ذلك من باب أولى ،لأنه الجانب العملي المرن المتحرك ،الذي يطلب منه مواجهة كل طريف وجديد بالحكم والفتوى والبيان
ومنهجه في تجديد الفقه وأصوله يعتمد الواقعية مطلبا وغاية من خلال اعتماد الخطوات التالية
1- مراعاة فقه الموازنات وفقه الالوليات في الاستنباطات والتطبيقات
2-مراعاة جانب التيسير والتخفيف في الاحكام والفتاوى،مراعاة لظروف العصر وضغط الواقع
3-
اضافة الواقعية على ملامح التجديد الفقهي المنشود ،من خلال المطالبة بتحقيق احكامه ،وجعلها في نظريات كلية عامة8

وبجانب هذه الدعوات ظهرت دعوات لاقت رفضا شديدا ، أطلق عليها الدكتور هزاع الغامدي ، بانها دعوات العصرانيين ( الحداثيين ) ، مثل “محمد أركون “ ,”محمد الجابري “ 9


ويبدو أن مثل هذه الدعوات قد جعلت بعض الأصوليين يتحفظون على أي محاولة للتجديد ،مما جعل محاولات التجديد في اغلبها هي محاولات ترميم ، دون بناء منهجية متكاملة ثابته ومؤثرة .










المراجع :
1- نظرية التجديد الأصولي من الاشكال للتحرير -د.الحسان شهيد -بيروت مركز نماء للبحوث والدراسات – الطبعة الاولى 2012
2- تجديد أصول الفقه الإسلامي - د. حسن الترابي- الخرطوم – دار الفكر للنشر والتوزيع الطبعة الأولى 1980م
3- محاولات التجديد في اصول الفقه ودعواته ،دراسة وتقييما -د.هزاع الغامدي -رسالة دكتوراة منشورة -جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية 1429 هـ
4-إعادة صياغة علم أصول الفقه : اتجاهات ومقترحات- د. نعمان جغيم-بحث منشور

-مجلة المسلم المعاصر - العدد 125 / 126- ديسمبر 2007 -http://almuslimalmuaser.org/index.php?option=com_k2&view=item&id=635:e3adet

5-التجديد في أصول الفقه : مشروعيته وتاريخه وإرهاصاته المعاصرة د. خليفة بابكر حسن-بحث منشور - مجلةالمسلم المعاصر -العدد125/126 -ديسمبر 2007 -http://almuslimalmuaser.org/index.php?option=com_k2&view=item&id=634:eltagded

6-نحو منهج جديد لدراسة علم أصول الفقه، د. محمد الدسوقي، بحث منشور -حولية‬ كلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية العدد الثاني عشر ٥١٤١هـ


7- إسهامات المعاصرين في تجديد أصول الفق. نور الدين بوكرديده-د.  -بحث منشور في مجلة البيان -العدد 308 بتاريخ 2-5-2013 -http://www.albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?ID=2580




1نظرية التجديد الأصولي ص39 ،40
2نحو منهج جديد لدراسة علم أصول الفقه
3/التجديد في أصول الفقه : مشروعيته,تاريخه وارهاصاته المعاصرة
4تجديد أصول الفقه الاسلامي
5اسهامات المعاصرين في تجديد أصول القه
6اعادة صياغة علم الأصول
7تجديد علم أصول القفه :الواقع والمقترح
8محاولات التجديد في اصول الفقه ودعواته ص639

9المصدر السابق ص841 :859

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق