تعريفه ونشأته :
هو الشيخ شمس الدين ابو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن حريز بن مكي زين الدين الزرعي ثم الدمشقي الحنبلي الشهير بابن قيم الجوزية1
نشأ ابن القيم في عائلة دمشقية عرفت بالعلم والالتزام بالدين واشتهر خصوصاً بابن قيم الجوزية وقيم الجوزية هو والده فقد كان قيماً على المدرسة الجوزية بدمشق مدة من الزمن2
مشايخه:
كان له عدد كبير من المشايخ ذكر منهم الدكتور سميح الجندي 3سبعة عشر
وكان صاحب الأثر الأكبر عليه هو شيخ الإسلام ابن تيمية و وأخذ عنه التفسير والحديث والفقه والفرائض والأصلين وعلم الكلام وقد لازمه منذ قدوم ابن تيمية إلي دمشق (712هـ) حتى توفي سنة (728 هـ) فكانت مدة ملازمته له ودراسته عليه ما يقارب سبعة عشر عاما تقريبا ،وسجن ابن القيم مع شيخه ابن تيمية
تلاميذه:
وتلاميذه كثر ذكر منهم الدكتور سميح الجندي4 إحدى عشر،. منهم:
الإمام الحافظ بن كثير- ابن رجب الحنبلي - الإمام الحافظ الذهبي- ابن عبد الهادي
مؤلفاته: بلغ بها الدكتور سميح الجندي5 ستة وتسعين اسما من أسماء كتبه ومؤلفاته المطبوعة وغير المطبوعة ،منها :
1- أعلام الموقعين عن رب العالمين ،2- إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان ،3- شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل،4- الفوائد
ابن القيم كأحد آئمة المقاصد :
وقد ظهر اهتمام ابن القيم الكبير بعلم المقاصد -بالرغم من انه لم يفرد له كتابا خاص به -إلا انك لا ترى كتابا من كتبه ولا مجلدا من مصنفاته الا وتطرق إلي مقاصد الشريعة6
وقد دعا الناس إلي الاهتمام بها وذكر محاسنها قائلا:"تأمل أبواب الشريعة ووسائلها وغاياتها كيف تجدها مشحونة بالحكم المقصودة ،والغايات الحميدة التي شرعت لأجلها ،التي لولاها لكان الناس كالبهائم بل أسوأ حالا7""أعظم محاسن الشريعة ما اشتملت عليه من الحكمة والمصلحة8 "
وقد أراد ابن القيم بالمقاصد الحكم والمصالح ،فقال:
"أن الشريعة شرعها الذي علم ما في ضمنها من المصالح والحكم والغايات المحمودة 9"
وقال:"الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ، ورحمة كلها ، وحكمة كلها ،ومصلحة كلها ، فكل مسألة خرجت عن العدل إلي الجور ، وعن الرحمة إلي ضدها ، وعن المصلحة الى المفسدة، وعن الحكمة إلي العبث فليست من الشريعة وان أدخلت فيها بالتأويل10 "
هذه الفقرة تمثل- عند الدكتور "جاسم عودة " - "قاعدة" من أهم القواعد التي تعين على فهم طبيعة التشريع الإسلامي ، فهنا نجد مقاصد الشريعة قد أخذت مكانها الصحيح ،بوصفها "المبنى والأساس "، او بوصفها فلسفة التشريع برمته، بالتعبير المعاصر. 11
تعليل الأحكام
وقد أهتم بمسألة تعليل الأحكام اهتماما عظيما وقد هاجم من رفض التعليل قائلا :" فإثبات الحكمة كمال....ونفيه نقص ، والأمة مجمعة على انتفاء النقص على الله ، بل العلم انتفاءه (النقص) عن الله تعالى وهو أعلى العلوم الضرورية المستقرة في فطر الخلق ، فلو كانت أفعاله معطلة عن الحكم والغايات المحمودة لتم النقص وهو محال12"
اهتمامه بالتطبيق العملي
لم يكتف بالشكل النظري وإنما أكثر من تطبيقاته العملية
فقد أكثر ابن القيم رحمه الله من تعليل الأحكام ،كذكر الحكمة من الصلاة الرباعية وغيرها ، وعلل قضاء صوم الحائض دون الصلاة ،وقد امتلأت كتب ابن القيم بهذه الحكم والتعليلات
وكان يرى أن الشرع لا يبيح إلا ما فيه المصلحة ولا يحرم إلا ما فيه مفسدة في قوله :"فإباحة الشيء في الشريعة تابع لعدم مفسدته ،اذ لو كانت فيه مفسدة راجحة لم تأت الشريعة بإباحته13 "
مبحث الحيل
تناول مبحث الحيل وأحكامها في أكثر من باب وأكثر من كتاب حيث استطرد فيها وتناولها من جميع جوانبها ومختلف أشكالها .ويقول -الدكتور جاسر عودة14- أن إسهام ابن القيم في نظرية المقاصد كان أولا من خلال دراسة ناقدة مفصلة لما سماه "الحيل الفقهية"، والتي تقوم على حقيقة أن هذه الحيل تتعارض مع المقاصد.فالحيلة هي عقد محرم كالربا أو الرشوة وان كان شكلها شرعيا ، حيث تأخذ مثلا شكل بيع او منحة أو غير ذلك
"ومما يدل على بطلان الحيل ،وتحريمهما أن الله تعالى إنما أوجب الواجبات وحرم المحرمات لما تتضمن من مصالح عباده في معاشهم ومعادهم...فإذا احتال العبد على تحليل ما حرم الله وإسقاط ما فرض الله وتعطيل ما شرع الله ،كان ساعيا في دين الله بالفساد من وجوه :أحدها إبطالها ما في الأمر المحتال عليه من حكمة الشارع ، ونقض حكمته فيه ومناقضته له ، والثاني أن الامر المحتال به ليس له عنده حقيقة ولاهو مقصود ، بل هو ظاهر المشروع، فالمشروع ليس مقصودا له ، والمقصود له هو المحرم نفسه ، وهذا ظاهر كل الظهور فيما يقصد الشارع، فان المرابي مثلا مقصوده الربا المحرم ، وصورة البيع الجائز غير مقصودة له ،وكذلك المتحايل على إسقاط الفرائض بتمليك ماله لمن لا يهبه درهما واحدا ، حقيقة مقصودة إسقاط الفرض، وظاهر الهمة المشروعة غير مقصودة له ...فان الشريعة للقلوب بمنزلة الغذاء والدواء للأبدان ، وإنما ذلك بحقائقها لا بأسمائها وصورها "
في حفظ الدين :
إن ابن القيم يعتبر أعظم المقاصد الضرورية واهمها حفظ الدين
فقال "حاجة الناس إلي الشريعة ضرورية فوق حاجتهم إلي كل شيء فالشريعة مبناها على تعريف مواقع رضى الله وسخطه في حركات العباد الاختيارية ، ومبناها على الوحي المحض وهي فوق الحاجة إلي التنفس فضلا عن الطعام والشراب، لان غاية ما يقدر في عدم التنفس والطعام والشراب موت البدن وتعطل الروح عنه ، أمأ ما يقدر عند عدم الشريعة ففساد الروح والقلب جملة ، وهلاك الأبدان ، وشتان بين هذا وهلاك البدن بالموت ،فليس الناس قط إلي شيء أحوج منهم على معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، والقيام به والدعوة إليه والصبر عليه وجهاد من خرج عنه حتى يرجع إليه ، ولي للعالم صلاح بدون ذلك البتة ،ولا سبيل إلي الوصول على السعادة والفوز الأكبر إلا بالعبور على هذا الجسم15 "
وقد تأثر ابن القيم بشيخه وأستاذه ابن تيمية:
فمثلا نرى أن تعريف المصلحة لدى ابن تيمية " أن يرى المجتهد أن هذا الفعل يجلب منفعة راجحة وليس في الشرع ما ينفيه16 "
وعند ابن القيم: "إباحة الشيء في الشريعة لعدم مفسدته ،اذ لو كان فيه مفسدة راجحة لم تأت الشريعة بإباحته17 "
ويظهر هنا أن ابن القيم قد اتفق مع رأي أستاذة أن الشريعة لم تأت بمفسدة قط
1
الإمام
الحافظ بن كثير، البداية والنهاية
2
ابن
بدران ، منادمة الأطلال ومسامرة
الخيال،دمشق،المكتب الإسلامي
4
الدكتور
سميح عبد الوهاب الجندي، المرجع السابق
5
الدكتور
سميح عبد الوهاب الجندي، المرجع السابق
6
الدكتور
سميح عبد الوهاب الجندي، المرجع
السابق،بتصرف
7
ابن
القيم الجوزية، شفاء العليل في مسائل
القضاء والقدر والحكمة والتعليل
8
ابن
القيم الجوزية،إعلام الموقعين عن رب
العالمين
9
ابن
القيم الجوزية،أعلام الموقعين ،مرجع
سابق
10
ابن
القيم الجوزية،أعلام الموقعين،مرجع
سابق
12
ابن
القيم،شفاء العليل، مرجع سابق
13
ابن
القيم،إغاثة اللهفان
14
جاسر
عودة،المرجع السابق
15
ابن
القيم،مفتاح دار السعادة
16
ابن
تيمية،مجموع الفتاوى
17
ابن
القيم،إغاثة اللهفان،مصدر سابق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق