الخميس، 12 يونيو 2014

جوانب الخلل الفكري في الأمة



تتفق اراء المحللين والنقاد والمفكرين على أن هناك ازمة فكرية كبرى في الأمة ، قد يختلف لدى البعض جوانب هذه الازمة ،ولكن يبقى الاتفاق وجود هذه الازمة، وقد حاول الكثير من المفكرين التصدي لهذه الازمة بتحليل جوانبها ، وحاول البعض الأخر التوصل الى حلول في كتبهم ، كالدكتور محمد عمارة في ( ازمة الفكر الاسلامي المعاصر )(معالم المنهج الاسلامي) ، والدكتور طه جابر علواني في (الأزمة الفكرية المعاصرة )و( نحو التجديد والاجتهاد -مراجعات في المنظومة المعرفية الاسلامية )، والدكتور طه عبد الرحمن في كتابه ( الحق الاسلامي في الاختلاف الفكري)
وقد اعتمدت على هذه الكتب كمراجع للاجابة على سؤال هذا البحث "ما هي ابرز جوانب الخلل الفكري في الأمة ؟ "
*
معضلة العقل والنقل
يقول الدكتور جابر طه العلواني1 "تاريخنا لم يعرف قضية بهذا الاسم الا بعد عصر الترجمة ،وعلى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة رضوان الله عليهم ،لم يكن يعرف شيء اسمه نص وشيء اسمه عقل متمايزان يعيشان حالة صراع وتناقض وتناف وحرب ومعركة بين الاثنين ،كان النص والعقل يسيران جنبا الى جنب خاضعين الى حاكمية الله المطلقة ، التص يرشد والعقل ويوجهه ، والعقل يتفهم النص ويستوعبه ويحسن تطبيقه وفهمه وربطه بالواقع دون اي عملية صراع "فهي قضية مفتعلة ، ساهمت في انقسام الامة وتستنزف الامة ، رغم انه لا تضاد بينهم ابدا



منهج القراءتين
نحن نحتاج ان نقرأ كأمة اسلامية بما أمرنا به ، فنحن نقرأ كتاب الوحي ، ونقرأ كتاب الكون المنظور
...لا تضاد بين القرأتين
وهو عكس الشائع الان فهناك من ينادي بقراءة كتاب الكون ردا على حجم التخلف المتفشي في الامة ومحاولة باللحاق بالامم الاخرى ويلقي باللو م على كتاب الوحي

وأخر يدعو للتمسك بكتاب الوحي حفاظا على هوية الامة ويرفض أن يقرأ كتاب الكون ،خوفا على هوية الأمة

وسطية الامة
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)2 ان الوسطية اذا كانت تعني هنا رفض الانحياز الى طرف ضد طرف وقطب دون قطب ، فانها في المفهوم الاسلامي ليست وسط حسابي ، ولكنها موقف جديد يتألف من عناصر الحق والعدل في القطبين معا
فاذا كانت الحضارة الغربية قد قامت في احد أهم أركانها ،على تحرير القدرات والممكنات واكتساب القوة ، وثمن اكتساب هذة القوة هو انتهاك حرمة الوجود

فان الوسطية هاهنا لأمتنا تكون
:كيف تجمع بين تحرير الممكن وتغليظ حرمة الوجود

علاقتنا بالامم الاخرى
{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }

بين فخ الاستسلام الكامل والتبعية للحضارات الأخرى ، و"الصراع الحضاري " معهم ، نقف نحن الان ، فلا نستطيع أن نكون أمة قادرة على الاحتفاظ بهويتها وتحتفظ بعلاقات قوية وناضجة مع الحضارات الاخرى

التعامل مع التراث
كيف لأمة تريد أن تقف على قدميها وهيا تخاف أن تراجع تراثها ، فبتنا نقف بين من يرفض التراث بشكل كامل واخر يقدسه
ومن يحاول أن يراجعه تظهر امامه عوائق ، يذكر منها الدكتور طه جابر العلواني3 ،
"
أدلجة كثير من المقولات التراثية ، تصور البعض ان لاعلاقة بين تردي اوضاع الحاضر وثقافة وافكار الماضي ، ولاننا أصلنا لفكرة الاجماع صار البعض ينظر الى النقد المعرفي على انه مفرق ومناف للاجماع "

ولهذا احجم الكثير عن الاقتراب من محاولة مراجعته ، مما أدى ان البعض صار يرفض التراث بشكل كامل
الحق الاسلامي في الاختلاف الفلسفي والفكري :
يقول الدكتور طه عبد الرحمن 4" ان لكل زمان أسئلته التي تخصه ،ومن واجب كل أمة أن تجيب عن هذه الاسئلة ، وهي لا تكون أمة بحق حتى ترتقي بالجواب الى رتبة الاستقلال فيه"
يقف البعض موقف الرافض وبشدة لحق الأمة في الاختلاف الفلسفي والفكري ، ويرون انه لا يحق للأمة الاستقلال في هذا الجواب ، ويقفون موقف الرافض لحقها في الاختلاف عن غيرها
ان الأمة تحتاج الى فكر نابع من هويتها متصل بواقعها قادر على معرفة السؤال الصحيح وقادر على اعطاء الاجابات التي تحتاجها الامة ، نحن لا نحتاج الى فكر منفصل عن الواقع ، او فكر منفصل عن هويتها
نحتاج فكر يساعد الامة على تحويل ممكناتها المجردة الى ممكنات ملموسة
حتى تستطيع هذة الامة أن تقوم بدورها ،وهو لا يتوقف عند حدود الامة وفقط ،بل هيا أمة شاهدة على الأمم الأخرى ،وكيف تشهد امة على الامم ألأخرى وهيا عاجزة عن معرفة الأخر
نعم هناك من يحاول أن يتصدى لجوانب الخلل الكثيرة ولكن لازال الامر يحتاج الى مجهود أكبر حتى نتجاوز جوانب الخلل باذن الله تعالى

1طه جابر العلواني ، الأزمة الفكرية المعاصرة -تشخيصات ومقترحات ،فيرجينيا ، المعهد العالمي للفكر الاسلامي ،الطبعة الرابعة 1994
2 سورة البقرة الاية (143 )
3 الدكتور طه جابر العلواني ، نحو التجديد والاجتهاد -مراجعات في المنظومة المعرفية الاسلامية ،مصر ،دار تنوير للنشر والتوزيع ،الطبعة الاولى 2008

4 دكتور طه عبد الرحمن ،الحق الاسلامي في الاختلاف الفكري ،الدار البيضاء ،المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق